Sunday, February 10, 2008

عام المفاصلة

عـــام المــفاصلــة
فهمي هويدي
نحتاج إلي بعض الشجاعة والصراحة لكي نعترف بأن العام المنقضي شهد انفراطا ملحوظا في عقد الجماعة المصرية‏,‏ يسوغ لي أن أطلق عليه عام المفاصلة‏.‏‏(1)‏ أعني بالمفاصلة الشقاق والتباعد‏,‏ وهو تخريج اصطلاحي وليس لغويا برز مع ظهور فكرة المفاصلة الشعورية‏,‏ التي بمقتضاها يكون المرء قريبا في الواقع وبعيدا في الشعور والوجدان‏,‏ ومن ثم حاضرا وغائبا في نفس الوقت‏,‏ وهي درجة دون الانفصال الذي يعني الانقطاع‏,‏ وفي المجتمعات الأوروبية يفرقون في شأن العلاقات الاجتماعية بين الانفصال وبين الطلاق الذي يقصد به فصم العلاقة ليس واقعيا فقط‏,‏ وانما من الناحية القانونية أيضا‏,‏ من ثم فما أتحدث عنه هو شروخ وتصدعات في البنيان يتعين رصدها وعلاجها‏.‏لست في مقام الحديث عن العلاقة بين السلطة والمجتمع‏,‏ ليس لأنها تخلو من الشروخ والتصدعات‏,‏ ولكن لأن الشروخ القائمة أخذت حقها في كثير من المعالجات الإعلامية‏,‏ خصوصا التي وصفت العام المنقضي بأنه عام الغضب الذي ارتفع فيه صوت الشارع عاليا في مواجهة السلطة‏,‏ من خلال تجليات عدة‏,‏ إنما الذي يعنيني في هذا المقام هو التصدعات الحاصلة في محيط الجماعة المصرية ذاتها‏,‏ التي اعتبرها أعمق وأشد خطرا‏,‏ في هذا الصدد فإنني أزعم أن التصدعات تسللت في العام المنقضي إلي أربع دوائر علي الأقل هي‏:‏‏*‏ أولا‏:‏ العلاقة بين الفقراء والأغنياء‏,‏ ذلك أن الفجوة بين الطرفين اتسعت وتعمقت علي نحو مقلق‏,‏ صحيح أن تلك الفجوة كانت موجودة في عام‏2006,‏ الذي حين رسم تقرير التنمية البشرية بعض ملامحه فإنه أخبرنا بأن‏32‏ مليون مواطن مصري يعيشون تحت حد الفقر‏,‏ وأن‏3%‏ فقط من السكان يهيمنون علي‏43%‏ من الدخل القومي‏,‏ وليست تحت أيدينا بيانات رقمية عن أحوال‏2007,‏ لكننا نعرف جيدا أن غول الغلاء انطلق بقوة خلاله‏,‏ وأن ارتفاع معدلات التضخم ضغط علي الناس بأكثر مما يحتملون بالمقابل فإن مظاهر البذخ الصارخ والثراء الاستفزازي الذي عبرت عنه إعلانات الصحف وأخبارها كانت من العلامات البارزة في سجل العام‏,‏ وهي التي تمثلت في صرعة الأبراج والمولات ومستوطنات الأثرياء الجدد التي أصبحت وحداتها تباع بملايين الجنيهات‏,‏ وهو ما استصحب انقلابا في الخرائط الاجتماعية‏,‏ الأمر الذي كان طبيعيا معه أن تكتشف الأجيال الجديدة أنه لا مستقبل لها في البلد‏,‏ وأن الهجرة إلي ما وراء الحدود هي الحل‏.‏ نعم تحدثت تقارير رسمية عن وصول معدل النمو إلي‏7%,‏ لكن تلك التقارير لا تتحدث عن اتجاهات ذلك النمو‏,‏ إذ صب أغلبه في صالح الأغنياء‏,‏ الذين تضخمت ثروات بعضهملأسباب غير طبيعية يطول شرحها‏,‏ في حين لم يكن للفقراء فيه نصيب يذكر‏.‏هذه الأجواء لم تعمق الفجوة بين الفقراء والأغنياء فحسب‏,‏ ولكنها أصابت علاقات الطرفين بالتوتر‏,‏ وكان ظهور شركات الحراسة الخاصة‏,‏ وتعزيز إجراءات الدخول إلي مستوطنات الأثرياء من علامات التحسب لنتائج ذلك التوتر‏,‏ كما أن الإلحاح علي قضية العدالة الاجتماعية في الخطابين السياسي والإعلامي في الأسابيع الأخيرة من بين محاولات امتصاص ذلك التوتر وتخفيفه‏.‏‏(2)‏ ‏*‏ ثانيا‏:‏ العلاقة بين المسلمين والأقباط‏,‏ وهي التي ظلت طوال الوقت قائمة فيما هو معلن علي الأقل علي الاحترام المتبادل والتوافق علي العيش المشترك‏,‏ لكن هذا الأساس اهتز في السنوات الأخيرة‏,‏ حتي ظهرت في عام‏2007‏ عدة قرائن أشارت إلي أن الصيغة الراهنة للعيش المشترك لم يعد مسلما بها‏,‏ ولكن مواصفات وشروطا جديدة طرأت عليها من جانب أعداد متزايدة ليس من المتطرفين فحسب‏,‏ ولكن من جانب بعض العقلاء والمعتدلين أيضا‏,‏ وذلك هو الجديد والمؤرق في الأمر‏.‏قال لي أحد المثقفين الوطنيين في مصر‏,‏ إنه اشترك في مناقشة حول الأوضاع الراهنة في البلد‏,‏ واستشهد في حديثه بالمقولة الشهيرة التي رددها مكرم عبيد‏,‏ أحد الزعماء التاريخيين وقال فيها إنه مسيحي دينا ومسلم وطنا‏,‏ ظنا منه أنه باستدعاء هذه الصيغة فإنه يذكر بمعادلة مريحة تحقق الوفاق المنشود بين عنصري الأمة‏,‏ لكن ما أدهشه أن العبارة قوبلت بامتعاض من جانب أحد الرموز القبطية المشهورة بالاعتدال‏,‏ الذي كان مشاركا في اللقاء‏,‏ وهي لحظة لم ينسها كما قال لي لأنها نبهته الي أن ثمة متغيرا سلبيا طرأ علي علاقات الجماعة المصرية في الآونة الأخيرة‏,‏ ولم تكن تلك حالة خاصة‏,‏ لأن ثمة قرائن عدة كنت شاهدا علي بعضها‏,‏ أعطت ذلك الانطباع‏,‏ الأمر الذي أثار انتباه الدكتور رفيق حبيب المثقف الإنجيلي البارز‏,‏ فكتب مقالا نشره موقع المصريون علي الإنترنت في‏10‏ يناير الحالي‏,‏ ذكر فيه أن ثمة رؤية قبطية تريد تأسيس الجماعة المصرية بوصفها جماعة متميزة عن محيطها ولا ترتبط به‏,‏ بحيث يصبح الانتماء المصري نافيا لأي انتماء عربي أو إسلامي‏,‏ وتساءل هل يريد هؤلاء تغيير الأسس التي قامت عليها الجماعة المصرية تاريخيا؟ وألا يؤدي ذلك إلي نقض العهد الضمني المقام بين المسلمين وغيرهم‏,‏ القائم علي احترام احتفاظ كل طرف بعقيدته بما لا يخل بالتوجهات العامة للأغلبية؟هذا النزوع الي المفاصلة من أبرز ما ظهر علي السطح خلال العام المنقضي‏,‏ وهو ليس مفاجئا تماما‏,‏ لأن له مقدمات تلاحقت خلال السنوات السابقة‏,‏ وتجلت في الحوادث الطائفية التي وقعت في أماكن عدة بمصر‏,‏ ولكن القدر الثابت أن ثمة حساسية واحتقانا متزايدين علي الجانبين‏,‏ وأن حماقات وتصرفات بعض المتطرفين والدعاة المسلمين روجت لثقافة التعصب‏,‏ وأسهمت في تأجيج المشاعر التي أدت الي وقوع تلك الحوادث‏,‏لكننا ينبغي ألا نتجاهل أن ثمة خطابا مماثلا له حضوره علي الجانب الآخر جسدته في وقت سابق المسرحية الشهيرة التي عرضت في كنيسة محرم بك بالإسكندرية‏,‏ وكان أحدث تعبير عنه ذلك البيان الذي أصدره قمص دير القديسين بالأقصر عقب أحداث مدينة إسنا‏,‏ ولمزيد من الإثارة والتهييج فقد عممته بعض المواقع القبطية علي شبكة الإنترنت بنصه المسئ والجارح‏,‏ وللأسف فإن المتعصبين والمتطرفين ذهبوا الي أبعد في الشقاق‏,‏ حين لجأوا إلي الاستقواء بالخارج لتعزيز موقفهم في الداخل‏,‏ وتراوح ذلك الاستقواء بين الحملات الدعائية التي يطلقها من سموا بأقباط المهجر‏,‏ وبين الحضور الرمزي لـ‏19‏ من أعضاء الكونجرس الأمريكي احتفال الكنيسة الأرثوذكسية بعيد ميلاد السيد المسيح في السابع من شهر يناير الحالي‏.‏هذا الجهد لتكريس المفاصلة حقق بعض النجاح للأسف‏,‏ وهو ما تجلي في التناول الجديد لصيغة العيش المشترك‏,‏ الذي كان له أثره ليس فقط في إفساد الأجواء‏,‏ وإنما أثر بالسلب أيضا علي الجسور المقامة بين عقلاء الجانبين‏,‏ ومن ثم عطل تواصلا محمودا كان مرجوا ومستمرا في السابق‏.‏‏(3)‏ ‏*‏ ثالثا‏:‏ موقف العلمانيين من الدستور‏:‏ حين أصدر أكثر من مائتي مثقف مصري في شهر مارس الماضي بيانهم الذي طالبوا فيه بإلغاء المادة الثانية من الدستور‏,‏ التي تنص علي أن الإسلام دين الدولة وأن مبادئ الشريعة هي المصدر الأساسي للقوانين‏,‏ فإن هذه المبادرة كانت تجاوزا لخط أحمر يحدث لأول مرة منذ صدور الدستور المصري في عام‏1923,‏ ولأن القاسم المشترك بين الموقعين علي البيان أنهم من العلمانيين باختلاف أطيافهم‏,‏ فإن إطلاق الدعوة كان بمثابة تصعيد في الاشتباك الحاصل بين التيارين العلماني والإسلامي في مصر‏,‏ إذ لم تقف الدعوة عند حد المطالبة بالفصل بين الدين والسياسة مثلا‏,‏ وإنما تطلعت لما هو أبعد حين نادت بإقصاء الإسلام تماما من الدستور أو إضعاف حضوره عند الحد الأدني‏.‏ولأن الدستور ليس أبا القوانين فقط‏,‏ وإنما هو أيضا من منظور علم الاجتماع السياسي وثيقة تحدد معالم الهوية الوطنية للمجتمع‏,‏ فإن تلك الدعوة التي مست نصا تأسيسيا فيه لم تكن إقصاء للمرجعية الإسلامية فحسب وإنما كانت في جوهرها إضعافا للهوية الوطنية وخرقا لإجماع الأمة المنعقد والمستقر منذ أكثر من ثمانين عاما‏,‏ وهو ما يصب في وعاء التفكيك والمفاصلة‏,‏ أراد أصحابها أم لم يريدوا‏.‏أدري أن الذين أطلقوا الدعوة يمثلون عددا محدودا من المثقفين العلمانيين الذين لا يثقون في مرجعية الإسلام ومبادئه‏,‏ وأعلن أن دعوتهم لم تجد استجابة تذكر‏,‏ ولكن الروح التي عبر عنها البيان والرسالة التي أراد توصيلها أحدثت شرخا إضافيا في علاقة العلمانيين والإسلاميين‏,‏ باعد بينهما بأكثر مما هي متباعدة أصلا‏.‏‏(4)‏ ‏*‏ رابعا‏:‏ موقف المجتمع من النموذج الإسلامي‏:‏ ذلك أنه من المفارقات أن المجتمع المصري المتدين بطبيعته شاع بينه في عام‏2007‏ قدر غير قليل من الخوف من الإسلام‏,‏ وهو خوف نجحت في تعميمه وسائل الإعلام التي كثفت هجومها علي الإخوان لكي تكسب معركة أمنية تكتيكية‏,‏ فترتبت عليها خسارة استراتيجية ينبغي ألا نقلل من شأنها‏,‏ إذ بدأ العام بترويع الناس من استعراض طلاب جامعة الأزهر الذي صورته وسائل الإعلام بأنه إعداد للانقضاض علي السلطة‏,‏ وانتهي العام بتأكيد التخويف والترويع من خلال الاستشهاد بالثغرات التي تخللت مشروع برنامج الإخوان المسلمين‏,‏ وبرغم أن كل أوراق الإخوان مكشوفة لدي أجهزة الأمن علي الأقل‏,‏ التي تعرف جيدا أن الخوف من هذه الزاوية لا أساس له ولا محل‏,‏إلا أن الأجهزة المعنية استثمرت تلك الأجواء لإغلاق أبواب العمل العام في وجه الإخوان‏,‏ ولست هنا في وارد تقويم هذا الموقف‏,‏ إلا أن أسوأ أثر جانبي للحملة تمثل في ذلك الخوف من الإسلام الذي انتاب أناسا عاديين من الطبقة المتوسطة والمتعلمة علي الأقل‏,‏ فضلا عن الطبقات الأعلي بطبيعة الحال‏,‏ وقد سمعت بأذني انطباعات من ذلك القبيل‏,‏ وأعرف أناسا يصلون ويصومون فكرو ا في مغادرة البلد‏,‏ أو لجأوا إلي شراء بيوت في الخارج تحسبا لاحتمال حدوث الانقضاض الذي تحدثت عنه وسائل الإعلام‏.‏هذه الحالة العبثية جعلت قطاعات من المتدينين يتوجسون من دينهم وينفرون من النموذج الذي يقيمه‏,‏ بعد أن قدم في أكثر الصور تعاسة وأكثرها بؤسا‏,‏ ولم يكن ذلك أسوأ ما في الأمر‏,‏ لأن الأسوأ أن هؤلاء لم يجدوا بديلا أمامهم سوي النموذج الغربي ليتمثلوه‏.‏هل هذه الصورة تناسب مجتمعا يعتبر نفسه في موقع القيادة للأمة العربية‏,‏ وهل هذه الدرجة من التفكك والتشرذم تمكن الجماعة الوطنية المصرية من أن تنهض بمسئولية التقدم في الداخل ومقاومة الهيمنة الخارجية؟ ـ اسمحوا لي أن نواصل بحث الأمر في الأسبوع المقبل بإذن الله‏.

Thursday, January 31, 2008

فن التحريض على الفتنة من قمص الأقصر إلى مؤرخ الأهرام

فن التحريض على الفتنة من قمص الأقصر إلى مؤرخ الأهرام

د. إبراهيم البيومي غانم - جريدة المصريون


مع كل حادث من حوادث "الفتنة الطائفية" التي باتت تتكرر بشكل مريب في مصرنا العزيزة، تنشط همة البعض ، ليس في معالجة الأسباب التي تؤدي إلى وقوع هذه الحوادث، ولا ليساعد في تجفيف منابعها واسئتصال شأفتها ، وإنما ليتفنن في تغذية المناخ المشحون أصلاً بعوامل التوتر الممقوت بين أبناء الوطن. هذا ما نلاحظه منذ عدة سنوات؛ حيث إن عدداً من الكتاب ممن يصفون أنفسهم بأنهم "علمانيون"، أو "ليبراليون" ـ وأغلبهم من سواقط الماركسية المنهارة ـ دأب على تعميق مشاعر التوتر الطائفي، وصب النار على الزيت. وتشير كتاباتهم عند كل مناسبة يقع فيها حدث من أحداث الفتنة، إلى أنهم يعزفون على نغمة واحدة، وإن اختلفت تخصصاتهم، أو تباينت مواقعهم الوظيفية أو المهنية. هذه النغمة تدور حول اتهام الطرف الذي ينتمي إلى الأغلبية، وإدانة الفكر المتطرف (الإسلامي طبعاً دون غيره)، والتأكيد على أن الفقر هو البيئة الاجتماعية الحاضنة لهذا الفكرـ دون أن يقترحوا علاجاً له ليخلصونا من نتائجه ـ ثم تنتقل المعزوفة من هذ التحليل إلى تحميل الهيئات الإسلامية بمختلف تياراتها وجماعاتها المسئولية كاملة عما حدث، ابتداءً بالأزهر الشريف، وانتهاءً بمظاهر التدين الفردي والسلوكيات التي تدخل ضمن الحريات الشخصية التي لا تخص أحداً سوى صاحبها. بعد ذلك تنتقل المعزوفة ـ مرة أخرى ـ إلى تحريض الدولة كي تحكم سيطرتها على تلك الهيئات، وكي توقع مزيداً من العقوبات بطرف دون آخر، بل ومطالبتها باتخاذ سياسات تمييزية لصالح أبناء الأقلية، بحجة أن التمييز في هذه الحالة هو تمييز "إيجابي" لابد منه . حتى وقت قريب كان العلمانيون أو الليبراليون ـ وخاصة من سواقط الماركسية المنهارة ـ هم المنتجون الرئيسيون لتلك التحليلات حول أحداث الفتنة وتحميل مسئوليتها للجانب المسلم ؛ بحق أو بدون حق. وكان مفهوماً أن يكرس هؤلاء ـ من سواقط الماركسية المنهارة ـ جهدهم للهجوم على كل ما هو إسلامي، سواء كان مؤسسة ، أو فكرة ، أو رمزاً ، أو سلوكاً ؛ حيث لم يجدوا لهم مهرباً من حالة الإحباط من جراء سقوط أفكارهم وتهافت إيديولوجيتهم ، إلا في الهجوم على الآخرالمسلم ، والدعوة لإقصائه، وممارسة الوصاية عليه، وتحميله أوزار فشلهم. ولم تكن كتاباتهم تخرج عن كونها نوعاً من التحريض المباشر والسافر على إلحاق الأذى بالتيارات الإسلامية وبكل ما يمت إليها بصلة.ولكن السنوات القليلة الماضية شهدت نقلة نوعية بدخول نوعيات جديدة في مدرسة "فن التحريض" المباشر على الفتنة، هذه النقلة تمثلت في تصاعد وتيرة تسميم المناخ الاجتماعي العام بالأفكار والنزعات المتعصبة التي تزيد من الاحتقان الطائفي، وتهيئ أسباب انفجاره على نطاق واسع. ومن أبرز هذه النوعيات التي التحقت بسواقط الماركسية في إنتاج الخطاب التحريضي على الفتنة : بعض رجال الأعمال، وبعض أستاتذة الجامعة، وبعض رجال الدين المسيحي. ومع دخول البعض من هؤلاء على خط إنتاج التحريض على الفتنة، انتقل جوهر الخطاب الذي يمارسونه من مجرد الهجوم على بعض الممارسات أو الأفكار والسلوكيات التي يقوم بها المسلمون الذين يشكلون أغلبية المجتمع المصري (بنسبة 94.5%) إلى التهجم على أصول الإسلام ذاته؛ بما هو عقيدة وشريعة، ربما تأثراً بحملات الهجوم الغربية التي استعرت في السنوات لأخيرة وطالت شخص سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، والقرآن الكريم بلا أدنى حياء. وربما ستقواءً بالهيمنة الأوربية ـ الأمريكية على العالم، وسيطرة اليمين المسيحي المتطرف على الإدارة الأمريكية في ظل حكم الحزب الجمهوري برئاسة جورج بوش، وربما لضعف المسلمين وتشتت قواهم وكثرة المنازعات فيما بينهم، وربما لخليط من هذه الأسباب جميعاً. ولدينا نموذجان من نماذج المنضمين إلى ممارسي فن التحرض على الفتنة: النموذج الأول: هو القمص صرابامون الشايب(أمين دير القديسين الطود ـ الأقصر) الذي أصدر بياناً بمناسبة الأحداث التي شهدتها مدينة إسنا مؤخراً وتحولت إلى فتنة بين بعض المسلمين وبعض الأقباط هناك. وما قاله القمص في بيانه يدخل بامتياز في إطار صناعة الكراهية بين المصريين وتهديد أمنهم ووحدتهم الوطنية. وأنا هنا أنقل حرفياً ما اقتبسه ضياء رشوان من ذلك البيان ، وأورده في مقاله بالمصري اليوم (24/12/2007) ؛ حيث وصف القمص أحداث إسنا بأنها صفحة من " كتاب أسود عمره أربعة عشر قرناً"، ومضى في بيانه يقول إنه مضطر لمخاطبة الضمير العالمي "فالضمير المصري انتقب وتحجب منذ زمن طويل، وتفرغ لخرافات وترهات ظلمة البادية والجاهلية"، ـ لاحظ ربطه بين الحجاب والنقاب وبين الخرافات وترهات البادية والجاهلية ـ ثم وصف ما حدث أيضاً بقوله إن "خفافيش حراس ظلمة الجاهلية يضعون في طريق الأقباط المسالمين المطحونين فخاخ الظلم والتعصب والتعسف، متمثلة في محجبة تحرش بها قبطيان، وأخرى منتقبة تعرض لها قبطي بعد سرقة شيء من محله التجاري، وتناسوا كل جرائمهم في حق كنائسنا وشعبنا ونسائنا منذ أن لمعت سيوفهم في القديم وحتى اليوم". (انتهى كلام القمص حرفيا). وأنا أدعو الحريصين على الوحدة الوطنية إلى إدانة هذه اللغة التي كتب بها القمص بيانه ونقدها ، وإلى التحذير من مثل هذا الكلام الذي صدر في بيان رسمي من شخص له منصب ومسئولية دينية، فليس لهذا الكلام من معنى سوى التحريض الطائفي ضد المسلمين، والاستقواء بما سماه "الضمير العالمي" ضد بلده، ولا يوجد شيء اسمه الضمير العالمي فعلياً وعلى الأرض سوى العصا الغليظة التي تمسكها الولايات المتحدة الأمريكية، هذا ناهيك عن تطاوله على الإسلام والمسلمين عندما وصف تاريخ المسلمين منذ أربعة عشر قرنا ـ هي أيضاً عمر الإسلام منذ فتح مصر ـ بأنه "كتاب أسود عمره أربعة عشر قرنا"، ووصفه بعض المواطنين المسلمين بأنهم"خفافيش حراس ظلمة الجاهلية...." إلخ، وحديثه عن "السيوف"، و"الجرائم" ليس إلا نوعاً من إتقان فن التحريض وتأجيج نيران الفتنة، وإلا قل لي بالله عليك: أهذا كلام شخص مسئول يريد وأد الفتنة والمحافظة على وحدة أبناء الوطن؟. ولماذا يتصدر الحديث في مثل هذه الأوقات المتأزمة من يجهل ما قاله البطرك بنيامين عندما فتح عمرو بن العاص مصر وأعطاه الأمان وخلصه من ظلم واضطهاد الكنيسة الرومانية، قال ما معناه :" عرفت الأمن والفرح" . أنا لست ممن يؤمنون بمقاومة مثل هذه الأفكار المتطرفة عن طريق جرجرة قائليها أمام المحاكم، رغم أن هناك ما يسوغ ذلك؛ لأنها أفكار تهدد الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، ولكنني أؤمن بأن مثل هذه الأفكار يجب أن يتصدى لها المخلصون من أبناء الوطن ـ بمن فيهم سواقط الماركسية المنهارة الذين يتباكون على الوطن والمواطنةـ فنحن لا نقبل أبداً أن يسئ شخص ـ وإن كان يحمل صفة دينية كنسية ـ إلى أقباط مصر ويصورهم في حالة عداء عميقة هكذا على النحو الذي صوره هذا القمص، ولا نقبل أن توصف أغلبية مواطني مصر بهذه الصفات الخارجة عن حدود الأدب، ولا أقول العلم؛ فما قاله لا يخرج عن كونه امتداداً لأفكار متعصبة لا تمت للعلم بصلة قال بها أنطونيوس الأنطوني في كتابه "وطنية الكنيسة القبطية" وهو كتاب في تعليم أصول الكراهية بين الأقباط والمسلمين؛ إذ صور فيه تاريخ مصر منذ الفتح الإسلامي قبل أربعة عشر قرنا على أنه تاريخ دمار للأقباط ولمصلحة المسلمين، وحاول أن يبلور ملامح خاصة بالأقباط منعزلين عن أغلبية أبناء الشعب المصري من المسلمين. وتجذير التمايز الطائفي تاريخيا في أي مجتمع هو المقدمة الحقيقية لتفككه كما يقول أستاذنا الحكيم طارق البشري، وهو ما فعله أنطونيوس الأنطوني، ويبدو أن القمص صرابامون الشايب من تلامذته.لم تكن مفاجأتي بالنموذج التحريضي السابق من جانب القمص أمين دير القديسين، بحجم مفاجأتي بالنموذج الثاني وهو الدكتور يونان لبيب رزق ـ أستاذ التاريخ بجامعة عين شمس ـ الذي تنشر له جريدة الأهرام بانتظام، فقد كتب مقالا بالأهرام (30/12/2007) بعنوان" آل ساويرس"، مهد لدفاعه فيه عن المهندس نجيب ساويرس رجل الأعمال المعروف بالقول إنه ـ أي د. يونان ـ "سبَّق انتماءه الوطني على كل انتماء". ثم تحدث عن علاقته بأسرة ساويرس منذ ثلاثين سنة عندما دعي ليكون عضواً في مجلس إدارة "جمعية الشبان المسيحيين" حيث تعرف على أنسي ساويرس، والد المهندس نجيب. نصف مقال الدكتور يونان يحكى قصته مع آل ساويرس، وقد وضع فيه نجيب ساويرس في مصاف مكرم عبيد، والقمص سرجيوس، من حيث الوطنية، وهذا يسعد كل مواطن مصري ويفرحه، وأنا أول الفرحين بذلك ما دام صحيحاً . ثم أكد الدكتور يونان على أن ما يعجبه في نجيب ساويرس أمران" الأول: روح وطنية ترعى مصالح مصر وتعلي من شأنها، والثاني: نظرة تنويرية للمستقبل ، ورفض ما حدث خلال العقود الأخيرة من جر البلاد إلى ثقافة العصور الوسطى، التي تتجاهل ما أحرزه العالم من تقدم خلال القرون الستة الأخيرة". ولا ندري قصد الدكتور يونان بثقافة العصور الوسطى: هل يقصد ثقافة الكنيسة التي استبدت بأرواح الناس وعقولهم في الغرب في ذلك الزمن ، بينما سطعت فيه شمس الإسلام وحضارته في الشرق؟! أم ماذا؟ . على أية حال فقد كان كل ذلك تمهيداً قدمه الدكتور يونان قبل أن ينتقل إلى لب موضوع المقال وهو الدفاع عن حق نجيب ساويرس في أن يقول ما شاء في شأن خاص من شئون التدين لمسلمي مصر بحجة أن ذلك "رأي أبداه في الشأن الوطني" ـ وهذه هي المرة الأولى التي نعرف فيها أن أذواق النساء في ارتداء الملابس شأناً وطنياً ـ وأن هذا أحد حقوقه كمواطن، وذلك عندما قال في مؤتمر صحفي ـ أوائل نوفمبر الماضي ـ إنه عندما يسير في شوارع القاهرة يشعر بالغربة و"كأنه في إيران"، إلى غير ذلك مما علق به على ظاهرة انتشار الحجاب في الشارع المصري. ومن حق كل ذي رأي أن ينتقد ما قاله نجيب ساويرس، فاللمز بإيران واضح وغير مقبول، وحكاية الشعور بالغربة من انتشار اللباس المحتشم (الحجاب والنقاب) لا يقل عنه الشعور بالغربة حال انتشار الملابس الإفرنجية وأزياء العري الفاضح الخادش للحياء.وأياً كانت وجهة نظر نجيب ساويرس، فإن أحداً لا ينكر عليه أن يمارس دور المفكر والمصلح الاجتماعي، وأن يوثق علاقاته بمجتمع المثقفين وأهل الرأي ـ بعد أن نجح في أن يصبح واحداً من أغنى أثرياء العالم حسب تصنيف مجلة فوربس ـ ولكن في مقابل ذلك لا بد أن يتقبل النقد، ويقبل الرأي الآخر فيما ذهب إليه تلميحاً أو تصريحاً. ولكن يبدو أن للدكتور يونان لبيب رزق رأياً آخر هو أن نجيب ساويرس على رأسه ريشة، وأنه لا يجوز لأحد أن يعقب على آرائه أو ينتقدها ، وأن من يفعل ذلك إنما هو من أصحاب "الأقلام التي احترفت التكفير، مستغلة في ذلك انتماءه الديني"ـ على حد تعبير الدكتور يونان في مقاله المذكور ـ هكذا، من يختلف مع ما ذكره الثري العالمي هو في عرف يونان لبيب رزق مكفراتي! ليس فقط وإنما يخوفنا الدكتور يونان بالثالوث المرعب، الذي ينتظرنا إذا هوجمت تصريحات كهذه لنجيب ساويرس، أو جرؤ أحد على نقدها ، وهاذ الثالوث بكلمات الدكتور يونان هو أن انتقاد ساويرس : "يعطي أقباط المهجر المادة الوفيرة التي يهاجمون بها الأوضاع المصرية،... ويمنح القوى الخارجية ، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأسباب التي تخولها التدخل في الشأن المصري، إن لم يكن بشكل الضغط المباشر من حكومة واشنطن، فبشكل غير مباشر من جمعيات حقوق الإنسان والجمعيات الداعية لرفض التعامل مع رعايا الحكومة المصرية بمعيار الدين... وما جهله المهاجمون من الحقيقة البسيطة من أن رأس المال جبان، وفيما قرأناه في الصحف عقب حملة هؤلاء النبأ عن بيع نصيبه في شركة أسمنت يملكها في حلوان لشركة أجنبية.."، ويستمر الدكتور يونان في سرد الآثار التي ستترتب على هروب الرأسمالية الوطنية من أمثال ساويرس وغيره من الأقباط ، والبطالة التي تنتظرنا وعودة سيطرة الرأسمال الأجنبي على اقتصاد البلد. ويتساءل كثيرون يا دكتور عن حكاية الرأسمالية الوطنية التي يمثلها ساويرس وعن علاقاتها بالمعونة الأمريكية، ولكن هذا موضوع سيكون له مجال آخر.ولا يختلف خطاب الدكتور يونان في مقاله هذا عن خطاب القمص صرابامون الشايب؛ فهو يقاسمه فنَّ التحريض والترهيب والاستقواء بالخارج حتى لا يفتح أحد فمه بكلمة نقد لرأي يقوله ثري بوزن نجيب ساويرس. القمص قال إنه يخاطب "الضمير العالمي" للتصدي لما أسماه "خفافيش الظلام"، والدكتور تحدث عن "أقباط المهجر" ، وضغوط القوى الخارجية و"على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية" ـ على حد قوله ـ إضافة إلى هروب ساويرس بفلوسه إلى الخارج باعتبار أن رأس المال جبان!. ويبدو أن الدكتور يونان لم يدرك أنه ناقض نفسه، وكر على فكرته عن وطنية نجيب ساويرس بالبطلان عندما أوضح لنا أنه مثل أي "خواجة" آخرـ ليس له انتماء مصري ـ من أصحاب رأس المال، يخضع لمبدأ "رأس المال جبان"؛ حيث كان مقتضى الأمر الأول الذي أعجبه في نجيب وهو"روح وطنية ترعى مصالح مصر وتعلي من شأنها"، ألا يبادر المهندس نجيب لدى سماعه بعض الانتقادات لآرائه ـ حتى ولو كانت شديدة ـ ببيع نصيبه في شركة أسمنت بحلون، ولمن؟ لشركة أجنبية!، هكذا ربط الدكتور يونان بين الأمرين في مقاله ، وقد يكون البيع لسبب آخر مختلف، ولكننا نحاول أن نفهم كلام الدكتور، ونسائله: هل هذه هي الروح الوطينة التي أعجبتك يا دكتور؟ هل هذه هي رعاية مصالح مصر والإعلاء من شأنها؟! وإذا لم تظهر الوطنية في وقت الشدة والأزمة فمتى تظهر إذن ومتى تكون التضحية؟إن انضمام واحد مثل الدكتور يونان إلى صناع الفتنة والمتفننين في التحريض وتعبئة الشعور العام بالكراهية أمر ينذر بمخاطر شديدة، فانحيازه بهذا الشكل المفاجئ لخطاب الفتنة والتحريض وكم الأفواه عن النطق بنقد أو برأي يخالف صاحب الثروة، والاندماج مع الخطاب الكنسي المتعصب الذي يتحدث به أمثال القمص صرابامون يعني بداية انهيار جبهة العقل والحكمة، والانزلاق إلى مستنقع الفتنة، وقى الله مصر شرورها. بقي أن نذكر هنا أن متابعتنا لردود الأفعال على ما صرح به نجيب ساويرس توضح أن الردود الإسلامية أكدت بقوة على أنها لا تفهم تصريحاته من منظور انتمائه القبطي، أو الطائفي ، وإنما باعتباره علمانياً، وأن من حق كل ذي رأي أن يعبر عنه رأيه ويسمع الرأي الآخر في الوقت نفسه، وليس من حق أحد أن يقيم من ذات نفسه وصياً على أحد.

يانجيب سويرس ...اخرس

يانجيب سويرس ...اخرس
بقلم صلاح بديوى

منذ برزنجيب سويرس الي السطح في مصر ونحن نعرف أنه من أبرز رجال الأعمال المواليين للحلف الصهيوني الأمريكي ، وأرتبط ظهوره كغيره من رجال الأعمال الآخرين المواليين لهذا الحلف بدعم مشروعات التطبيع مع الكيان الصهيوني وبأحتضان نهج كامب ديفيد وكان من أبرز رفاقه في هذا السياق من رجال الأعمال كل من أحمد بهجت وحسين صبور وصلاح دياب وهشام قاسم الخ ... ولذلك لم أستغرب أن تشارك تلك الثُلة من رجال اعمال الحلف الصهيوني الأمريكي في تأسيس سلسلة من الأدوات الأعلامية أمريكية الهوي وان كانت تنطق بالعربية ومن أهمها جريدة المصري اليوم وقنوات دريم التليفزيونية . وكان الحكم الجبان في القاهرة والموالي للحلف الصهيوني الأمريكي يخشي علي نفسه من هذا الأرتباط ما بين رجال الأعمال وهذا الحلف ومن ثم أغدق علي رجال الأعمال المشار اليهم أضافة الي بضعة عشرات آخرين من رجال الأعمال المدعوميين أمريكيا وصهيونيا أغدق عليهم من أموال الشعب قروضا ً بدون ضمانات كافية من البنوك ومنحهم أراضي برخص التراب ، لكون ان الأهداف واحدة والمصالح واحدة والتعامل مع قضايا الوطن بات بصيغة شيلني وأشيلك .
وحصل نجيب سويرس موضع رأينا هذا علي حصة الأسد من كعكعة كامب ديفيد ومن هنا لم يكُ غريبا ً أنه من أبرز المتحمسين حاليا لنهج التوريث ، نقول حصل نجيب واخيه انسي علي مساحات واسعة من اراضي البناء في افضل المناطق تميزا من القاهرة الكبري وسيناء والبحر الأحمر والساحل الشمالي الخ الآراضي التي تاجر فيها واقام مشروعات وشيد كازينوهات وشواطيء في جنوب سيناء وطابا للعراة وللقمار مدنساً الأرض التي حررها شهدائنا بالدماء والدموع دنسها نجيب ورفاقه وجعلها اوكارا للعلوج الصهاينة من كل مكان يعيثون فيها فسادا ، وبتنا نري اليهود يحرمون تشييد كازينوهات للقمار في فلسطين المحتلة التي اقاموا علي انقاضها كيانهم المسمي بأسرائيل ويأتون لسيناء من أجل ممارسة الفساد والبغاء والأفساد ولعب القمار وشرب الخمر والميسر فيها وكل ذلك بفضل حكومتنا الموالية للحلف الصهيوني الأمريكي وبفضل رجال اعمال امثال انسي سويرس وشقيقه نجيب . والعبد لله لو حاول ان يحصي الأمتيازات التي منحتها دولة مبارك لأسرة سويرس فأنني احتاج الي صفحات طويلة ومن هنا يكفي أن اشير الي أن وزارة الأسكان منحت نجيب سويرس هذا العام فقط " 2007م"في منطقة 6 اكتوبر الفي فدان للبناء بسعر المتر 10 جنيهات لبناء مساكن للشباب وبدلا من ان يبني نجيب سويرس المباني فيها بشكل رأسي شيدها بشكل افقي وجعل الدولة تتكبد خسائر فادحة الدولة التي اوصلت له المرافق حتي تلك المساحات تحت ستار دعم مشروعات الشباب ، مع العلم ان نجيب سويرس حصل له شخصيا علي 500 فدان في 6 اكتوبر بنفس السعر عشرة جنيهات وفي الفيوم حصل نجيب سويرس لنفس السبب وفي نفس العام علي 500 فدان بسعر 8 جنيهات للمتر ووفقا للعقود الموقعة بين شركة اوراسكوم ووزارة الأسكان فأن نجيب سويرس غير ملزم بسعر للوحدة السكنية عند منحها للشباب يحدد اسعار الوحدات وفق هواه وكما يري خبراء الأسكان فأن نجيب سويرس يعتبر حصل علي أرض ثمن المتر فيها وفقا لقرعة وزارة الأسكان يتراوح مابين 280 جنيه و480 جنيه حصل علي المتر المزود بالمرافق بواقع ثمانية جنيهات اي بثمن زهيد او ببلاش بالمعني الأصح ومن الأسرار التي لايعرفها احد ان الأمر وصل الي ان الدوائر الأمريكية فرضت علي القيادة المصرية ان تتولي شركة نجيب سويرس بناء كافة المشروعات الأستراتيجية التي تحتاجها جهات حساسة في الدولة وتتولي تصميم شبكات المعلومات لها ولغيرها تلك المشروعات التي تمولها الأدارة الأمريكية ممثلة في هيئة المعونة والسر من وراء ذلك معروف للجهات المصرية السيادية والتي وجدت نفسها مضطرة لذلك في ظل شراكة القيادة المصرية الأستراتيجية الملعونة مع واشنطن . وبخلاف تلك المشروعات في مصر وجدنا المخابرات الامريكية تستعين بنجيب سويرس بعد غزو العراق ليشيد مشروعات هناك ويفتتح محطة تليفزيونية تروج للقيم الأمريكية ، ووصل الأمرلا بسويرس ان يستغل سيطرة شركاته علي خدمات انترنت في مصر لينفذ تعليمات المخابرات الامريكية باغلاق مواقع انترنت مصرية ولا تجرؤ حكومة مبارك علي منعه , المهم ما سبق نبذة قليلة من كم هائل لدينا يتعلق بالمعلومات حول الدور التخريبي الذي يمارسه نجيب سويرس ومعه العشرات من رجال اعمال امريكا ومعظمهم ينتمون للأسلام حتي لايفهم الأمر في أطار طائفي ولكون اننا نتعامل مع نجيب سويرس هنا كمواطن مصري نري انه يوالي الحلف الصهيوني الأمريكي مثله مثل اهل الحكم في مصر وفي مقدمتهم الديكتاتور مبارك . ومن هنا وددت ان اشير لتطور خطير حدث خلال الأيام القليلة عقب اعلان الأخوان عن برنامج حزبهم والمتعلق برفضهم ترشيح المرأة والأقباط للموقع الرئاسي وعلي الرغم من رفضي لمنطق الأخوان أيا ً كانت مبرراته لكون ان الأقباط النصاري مواطنون لهم ما للأقباط المسلمين وعليهم ما علي الاقباط المسلمين تماما مثلما المرأ ة عنصر فاعل في المجتمع وتستحق ان تتساوي مع الرجل حتي في تولي الرئاسة الا أن ما فعله نجيب سويرس بعد ذلك هو منطق حق اراد من خلاله باطل . فالرجل استغلته عناصر في الحكم موالية لواشنطن وتل ابيب في اطار الحرب المعلنة علي الأسلام ومن يتحدث او يجتهد في اطاره مثل الأخوان استغلته ليخرج عن ثوبه كرجل اعمال ويحاول ان يرتدي ثوب سياسي يروج من خلاله للطائفية وللفتنة في مصر بين الأخوة المصريين تماما كما يفعل الأمريكان حاليا في العراق أوعزت عناصر داخل اجهزة مبارك خارجة عن الأمن القومي لنجيب سويرس ان يعقد مؤتمرا صحافيا وخلال المؤتمر الذي عقدهقبيل ايام وجه المهندس نجيب ساويرس، رئيس مجلس إدارة شركة أوراسكوم تليكوم، انتقادات حادة لجماعة الإخوان المسلمين.وقال : «لا يوجد مسيحي في مصر ينتظر من جماعة الإخوان أن تتفضل وتتنازل لتمنح القبطي الحق في أن يكون رئيسا من عدمه، لأننا لا ننتظر كأقباط من يعلمنا حقوق المواطنة» وكان عليه لو كان صادقا فيما يقوله ان ينوه ايضا الي ان جانب كبير من المصريين لايتفق مع رؤية الاخوان التي يجب تعديلها وفق منطقي شرعي صحيح لكن لأن سويرس يروج للفتنة قام بصب الزيت علي الناروتابع ساويرس: «الأقباط مصريون، مثلهم مثل المسلمين، ولا يحق لجماعة الإخوان أن توزع المناصب، وتعطي لنفسها سلطة المنح والمنع، وإذا كانت قد أعطت لنفسها هذا الحق فلا يسعني سوي أن أقول إننا نرفض ذلك» وهنا تبدو النعرة الطائفية المرفوضة في كلام نجيب سويرس ، وأضاف ساويرس ، «اللي عايز يحكم مصر بالعدل أهلا وسهلا به، أما غير ذلك فهو مرفوض» أذن سويرس يري العدل في رؤية الأقلية التي يزعم كذبا ً أنه يمثلها ، تماما مثلما يري جورج بوش الديمقراطية حقا ً لعملائه فقط حتي وان جاءت الديمقراطية بالأغلبية للحكم – كما رأينغا مع حماس- فنجيب سويرس يقول بوضوح انه سيعترض عليها ياسلام ما هذا الكلام الهراء الذي تتقيأه سيد نجيب سويرس اذا كنت تستند لأمريكا نقولها لك طز في سيادتك وفي امريكا فنحن كمسلميين نعرف جيدا كيف نحمي حقوق اخواننا النصاري حيث أمرنا ديننا أن نعاملهم كما نعامل بعضنا البعض ، ولا حماية لأحد منهم عندنا يري في واشنطن ملاذا آمنا ً فليذهب اليها لتحميه بعيدا عنا مسلماً كان او مسيحياوألمح سويرس في مؤتمره الصحافي المشبوه إلي عدم إعجابه بازدياد المد الديني غير المعتدل في مصر علي المستويين الإسلامي والمسيحي، مؤكدا أنه ليس ضد الحجاب باعتباره حرية شخصية، واعتبر النقاش حوله غير مجد، لكنه تساءل: «هل كانت أمهاتنا كفرة أم لا؟ لأن الحجاب لم يكن ينتشر في ذلك الوقت». وأوضح أنه لم يعد يسلم بيده علي أي امرأة محجبة، ويتبع الطريقة «اليابانية» في السلام «من بعيد لبعيد» ومرة اخري نقول للسيد نجيب سويرس ابتعد عن الدين ولاتتحدث عنه فلقد كانت ام الحب السيدة العذراء مريم عليها السلام رائدة للمحجبات وكانت كالبدر وهي في الحجاب وهي العفاف كله ، ياسويرس مالك ومال الدين لاتتكلم عنه افضل لك ولنا ولأخواننا المؤمنين المصريين من الديانتين وأضاف نجيب سويرس أنه عندما يسير في شوارع مصر في الوقت الحالي يشعر كأنه في إيران ، وأصبح يشعر بغربة قائلا: «لأني في كل مكان أقابل كام راجل كده من أبوجلاليب، وعلي الجانب الآخر فإن هناك قساوسة يعملون بطريقة الترهيب بنار جهنم»، لكنه قال إنه يتجاهل ذلك، ويستفتي قلبه وعقله قبل كل شيء. ونحن نقول لنجيب سويرس اذا كنت تشعر بغربة في مصر فأذهب لتشعر بوجود الي جانب القاي والمثيليين والهيبز ودعاة العولمة والقمار ودع مصر لمؤمنيها نصاري ومسلميين يعملون معا علي اصلاحها بالحق والعدل ولكن قبل ان ترحل يجب ان تعيد الأموال التي سلبتها بغير حق من بنوكنا وغيرها من الاموال الاخري

مقال مصطفى بكرى - لأهل المحروسة ضد ساويرس وأعوانه

بقلم مصطفى بكرى

انعقد لساني، واصابتني صدمة كبيرة، وتأكدت تماما في هذه اللحظة أن الرجل أصابه الغرور.لقد قالها بكل جرأة، وبقي فقط أن يبصق علي المشاهدين جميعا، لم يعتذر، ولم يراجع نفسه، بل إن المذيعة القديرة تركته يمضي دون حتي أن تصاب هي الأخري بالدهشة أو تنهي البرنامج، أو في كل الأحوال تقول له: 'عيب.. أنت تخاطب عشرات الملايين من المشاهدين من شاشة التليفزيون المصري وعليك أن تلتزم أدب الحوار'.وبغض النظر عما طرحه نجيب ساويرس من مغالطات في الحديث فإني أتوقف هنا أمام شتائمه التي وجهها ضدي، فقد اسماني بصحفي الفتنة لمجرد أنني طلبت منه أن يتوقف عن اثارة الفتنة بحديثه المتكرر عن الحجاب وعن أن شوارع مصر بدت وكأنها شوارع إيران، وعن أن المادة الثانية من الدستور 'مادة الشريعة الإسلامية' ستدخل البلاد في حالة من التيه!!كان حديثي إليه نابعا من الحرص علي وحدة الوطن ودعوته إلي التوقف عن اشعال النيران لحسابات يعرفها هو قبل غيره، وهي بالقطع حسابات سياسية أكثر من كونها طائفية.غير أن ساويرس راح يقدم نفسه علي أنه ضحية للمتطرفين وعناصر الفتنة، وتناسي أنه هو الذي يصب الزيت علي النار بهذه المقولات التي سرعان ما يستغلها البعض علي الجانبين ويكون الوطن هو الضحية.وإذا كان المهندس نجيب ساويرس يري - كما قال في أحاديث صحفية منشورة - أن أفضل طريقة للقضاء علي المد الديني لدي المسلمين والمسيحيين هو في تقديم أفلام لا تخضع للرقابة في قناته (O. T. V) فهو قول مغلوط يعبر عن عدم وضوح الرؤية وافتقاد المنهج الصحيح وضحالة الفكرة.كان يمكن للمهندس نجيب ساويرس أن يواجه الحجة بالحجة وأن يبحث عن منطق يرد به علي التساؤلات المطروحة غير أنه راح يؤجر الصحف اللقيطة ويدفع الأموال لممارسة دور الرأسمالية المتوحشة بقيم غريبة ورؤي متخلفة، ظنا منه أن المال قادر علي شراء كل شيء وقهر كل من يتصدون لما يطرحه من مواقف وما يقوم به من ممارسات..لقد شن ساويرس في حديثه هجوما علي الصحافة والصحفيين واتهم بعض الصحف الخاصة بالتحريض والمزاجية، بل قال إن إحدي الصحف الخاصة التي يساهم فيها تقوم هي الأخري 'بشلفطة الدنيا' حسب تعبيره، وكان يقصد بالقطع صحيفة 'المصري اليوم' التي أراد توظيفها لحساب معاركه الخاصة وإلا!!وكانت الطامة الكبري عندما راح ساويرس يقول: 'إنني بعت البلد مرتين' وأنا شخصيا لا أعرف لماذا مرتان وليس ثلاثا أو أربعا أو عشرا..؟! ثم الأهم من ذلك :ماذا بعت يا سيد ساويرس؟.. هل بعت شركة المصرية للأسمنت إلي شركة لاڤارج الفرنسية ب٣٧ مليار جنيه مثلا ؟ أم هل حصلت علي مليارات القروض من البنوك المصرية وذهبت للاستثمار في شركات أجنبية وإحداها تقوم بالاستثمار في 'إسرائيل' مثلا؟ أم أن هيئة المعونة الأمريكية تفضلني علي الآخرين من رجال الأعمال؟.. هل مثلا حصلت علي آلاف الأفدنة بثمن بخس، أم أن ثروتي وثروة أسرتي أصبحت في عشر سنوات حوالي ٠٢١ مليار جنيه، ورغم ذلك لم أسدد قروض البنوك المصرية؟إنني اسألك: هل طردت من العراق مثلا وتم وقف التعامل مع شركتي؟ أم أنني شاركت في بناء قواعد عسكرية للأمريكان في العراق وأفغانستان؟ هل أدليت مثلا بحديث لصحيفة 'معاريف' الإسرائيلية واعتبرت جسرا للتطبيع مع إسرائيل، أم أنني قررت عرض أفلام خليعة في قناة أمتلكها لأفسد الشباب وأدمر القيم والأخلاقيات؟يا سيد ساويرس، لقد حصل لي الرعب والخوف عندما هددتني علي شاشة القناة الأولي وقلت لمقدمة البرنامج: 'أنا صعيدي وهيعرف أنا هعمله إيه'، وعندما قالت لك الأستاذة لميس الحديدي: إنها ستحاول الاتصال بي بادرت علي الفور بالقول: 'يبقي أمه داعية عليه'.. وقد كنت أتمني يا باشمهندس أن ترتقي بألفاظك وأن تعرف أن قيم الصعايدة وأخلاقهم ألا يأتوا علي سيرة الأمهات.يا أخ نجيب لا أريد أن اتطرق في الحديث عن الأمهات والزوجات والخالات والعمات ومشاكل تحدث هنا أو هناك، فهذا ليس من شيم الرجال ولا قيم الشجعان.إن والدتي يا أخ نجيب لم تدع عليٌ لأني بار بها.. وقد علمتني أدب الحديث واحترام الآخر.لذلك أنا لا استطيع أن أباريك في الحديث عن الأمهات لأنني احترم السيدة والدتك صاحبة الأدوار الاجتماعية المعروفة وإن كان لها من عيب فهو عيب واحد فقط انها لم تعلمك كيف تخاطب الناس، فذهبت لتسب الدين علي شاشة التليفزيون بطريقة أثارت استياء كل من شاهدوا البرنامج وراحوا يسخرون علي المقاهي والطرقات ويقولون: 'هل هذا رجل أعمال ومثقف وليبرالي أم رجل يطلق الكلمات بلا حساب ويسب الناس بطريقة مهينة ومن علي شاشة تليفزيون مصر الرسمي؟'.إنني يا سيد نجيب ساويرس متمسك بالرد عليك ومن علي شاشة التليفزيون المصري وبطريقة مؤدبة محترمة، وأظن أن هذا حقي وإن كنت أخاف ألا امنح ذات الفرصة!!إنني أدعوك يا باشمهندس إلي مناظرة تليفزيونية من علي شاشةأي قناة تختارها (عدا قناة O. T. V)في حوار سأعلمك فيه أدب الحديث واحترام الآخر، وسأكشف فيه أمام الرأي العام تجاوزاتك المتعددة وسأتحدث بكل شفافية عن صفقاتك خاصة المحمول وكيف حصلت عليه وبيع الأسمنت وكيف تم وتأسيس الجونة وكيف حدث.يا سيد ساويرس أنا لست الضحية الوحيدة لانفلات أعصابك، فأمامنا مثل حي هو الدكتور فاروق العقدة محافظ البنك المركزي، وأمامنا وزير الاتصالات طارق كامل، وأمامنا كثيرون آخرون.في قضية فاروق العقدة راح ساويرس يتهم محافظ البنك المركزي في الصحف وعلي شاشة التليفزيون بأنه يقف عقبة أمام حقه في تملك بنك مصري وليكن بنك القاهرة وراح يقدم الموضوع وكأنها عنصرية من محافظ البنك المركزي، وعلي مدي عدة شهور التزم فاروق العقدة الصمت ورفض الرد، فبات البعض يتساءل: لماذا يرفض فاروق العقدة منح رجل أعمال مصري ناجح بنكا، أليس هو أفضل من الأجانب؟ويبدو أن السيد ساويرس في حروبه الدونكيشوتية نسي أو تناسي أن قانون البنك المركزي رقم ٨٨ لسنة 2003 يمنع أي شخص أو شخص مرتبط من تملك أكثر من٠١٪ من أي بنك، والشخص المرتبط هنا يعني العائلة سواء الإخوة أو أولاد العم.ورغم أن القانون ينص علي أن الحصة ٠١٪ إلا أن البنك المركزي قام بتزويد النسبة لتصبح فقط حصة أقلية أي بما لا يسمح للشخص أو الشخص المرتبط بامتلاك نسبة ١٥٪ من أي بنك.كان هذا الكلام واضحا أمام نجيب ساويرس غير أنه راح يوجه الاتهامات والادعاءات الكاذبة.لقد نسي المهندس نجيب أو تناسي أن السيد والده أنسي ساويرس كان أحد ملاك بنك مصر اكستريور مع آخرين وأن خسارة هذا البنك العائلي بلغت حوالي ٧.١ مليار جنيه تحملها البنك المركزي، ونسي أيضا أن البنوك التي قامت علي أساس عائلي ومنها بنوك النيل والتجاريون والمصري المتحد كلفت البنك المركزي خسائر قدرها حوالي ٠١ مليارات جنيه.كان نجيب ساويرس يضغط بكل قوة من أجل أن يقوم البنك المركزي بتعديل القانون لصالحه غير أن تراث البنوك العائلية والشخصية لم يكن يشجع علي أي تعديل.وإذا كان نجيب ساويرس راح يملأ الدنيا ضجيجا بالقول إنه سينشئ بنكا في الخارج طالما رفض البنك المركزي السماح له فأنا اسأله عن نسبته في البنك المشترك الذي اقيم في الجزائر بين أسرته والبنك التجاري الدولي.. إن نسبة أسرة ساويرس هي ٠٤٪ ، بينما نسبة البنك التجاري الدولي ٠٦٪، ولذلك فإن الجزائر رفضت أن تتملك أسرة ساويرس حصة أسهم الأغلبية في البنك وصممت الدولة الجزائرية علي أن تتولي هي الإدارة وليس غيرها.وفي أوربا لا يستطيع ساويرس أن يؤسس بنكا ولا حتي أن يملك نسبة ٠١٪، وأظن أنه يدرك ويعرف أن الوليد بن طلال عندما سعي لتملك حصة في سيتي بنك فإن حصته لم تزد علي ٠٢٪ رغم أن البنك كان علي وشك الافلاس في هذا الوقت.نفس الأمر بالنسبة للمهندس طارق كامل وزير الاتصالات، لقد كانت كل جريمته أنه طالب شركة أوراسكوم تليكوم التي يرأسها نجيب ساويرس بسداد مبلغ ٥.٣ مليار جنيه نظير خدمة الشبكة الثالثة شأنه شأن شركتي 'فودافون' و'اتصالات' غير أن ساويرس راح يتهم طارق كامل بالانحياز لشركة 'اتصالات' وقس علي ذلك من الاتهامات الجاهزة.إذن السيد ساويرس يلجأ دوما إلي توجيه الاتهامات والحديث عن الاضطهاد في حال عدم تنفيذ أي من مطالبه حتي ولو كانت غير مشروعة.وهنا اسأل بعد أن استمعت إلي حديثه في التليفزيون المصري وغيره من وسائل الإعلام: عن أي اضطهاد يتحدث وهو وحده وأسرته تمثل قيمة شركاتهم اكثر من ٥٣٪ من البورصة؟ويكفي القول أيضا إن شركتي أوراسكوم تليكوم وأوراسكوم للإنشاءات والصناعة قيمتهما حوالي ٠٠٢ مليار جنيه يمتلكون فيهما أكثر من ثلثي القيمة.. بعد كل ذلك يحدثك عن الاضطهاد الشخصي الموجه إليه.بقي القول أخيرا: كنت اعتقد أن السيد نجيب ساويرس سيراجع نفسه ويعتذر للرأي العام عن مقولته: ' اللي هيضايقني حطلع دين اللي خلفوه' وكذلك بقية العبارات التي أساء فيها إلي والدتي وإلي شخصي، غير أن غرور المال والثروة جعله يتجاهل ويتناسي أهم القيم التي يتحلي بها الإنسان.يا باشمهندس، يا صعيدي، يا مؤدب، يا ملياردير.. راجع نفسك وهذب لسانك، واحترم الناس، واحترم مصر التي صنعتك وقدمت إليك المليارات التي مازلت مديونا بها للبنوك.أما سؤالي للتليفزيون المصري: تري ماذا فعلتم أمام الجرح الكبير الذي سببه ساويرس لكل المصريين؟ لقد أصبح مقررا علينا صباح مساء، ألم يعد هناك في مصر رجل أعمال سوي نجيب ساويرس ليفتي في كل شيء ويسب كل قيمة ويوجه لعناته إلينا من شاشة تليفزيون الدولة.

ساويرس يستجيب لغواية الشيطان‮ .. ‬ويحلم بابتلاع مصر


من يقنع ساويرس بأن مصر ليست للبيع
ساويرس يستجيب لغواية الشيطان‮ .. ‬ويحلم بابتلاع مصر

لم تكن الوقفة الاحتجاجية التي نظمها الصحفيون أمام دار الأوبرا عشية افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي الدولي موجهة إلي نجيب ساويرس كرجل أعمال‮ .. ‬أوله كغير مسلم‮ .. ‬أو لموقفه من الحجاب وزحف موجة التدين والمحافظة‮ .. ‬أو لقناته المنفلته‮ .. ‬أو‮ ‬غير ذلك مما يحلو له أن يدعيه‮ .. ‬ولكنها كانت وقفة ضد شهيته المفتوحة لآخر المدي‮ .. ‬للسيطرة‮ .. ‬والهيمنة‮ .. ‬والاستحواذ‮ .. ‬والنفوذ‮.. ‬والاستقواء‮ .. ‬وفرض الرأي من خلال‮ ‬غطرسة بادية‮ .. ‬وعدم مبالاة بالآخرين‮ .. ‬أو بآرائهم وحقوقهم‮ .. ‬والاستهانة بكل المواضعات،‮ ‬والتقاليد،‮ ‬والأعراف‮ .. ‬والقيم .. وهي أمور معروفة،‮ ‬ومتفق عليها بين علماء النفس وأساتذة الاجتماع‮ .. ‬الذين قرروا من أزمنة ان استقبال الناس للتحولات الاجتماعية ليس واحدا‮ .. ‬ومشاعرهم تجاه الثراء ليست متساوية‮ .. ‬وأن ثمة من يتطير بالمال‮ .. ‬ويفقد القدرة علي التحكم في افكاره
ومشاعره‮ .. ‬فيطلق لها العنان‮ .. ‬أو تنطلق هي منفلتة علي الرغم منه‮ .. ‬تجور علي حقوق الآخرين‮ .. ‬ولاتأبه بأحد‮ .. ‬ولا تبالي بقيم أو تقاليد أو أعراف‮ .. ‬تضرب في كل اتجاه‮ .. ‬وقد عميت بالمال عن حقائق كثيرة‮ .. ‬وهو بالضبط ما أصاب نجيب ساويرس‮ .. ‬وبدأت كافة أعراضه واضحة عليه،‮ ‬وعلي تصرفاته وسلوكياته،‮ ‬خاصة أن أمواله قد فتحت أمامه أبوابا كثيرة‮ .. ‬ومكنته من الدخول إلي مجالات متعددة‮ .. ‬فتضخمت ظاهرة ساويرس بعد أن تمكن منه شيطان الغواية‮ .. ‬وملأ رأسه بالأوهام والخيالات والخرافات‮ .. ‬وزين له أفعاله‮ .. ‬وأقنعه بأنه أصبح في وضع يعلو هامات البشر‮ .. ‬يأمر فيطاع‮ .. ‬ويري ما لا يراه‮ ‬غيره فيتبع‮ .. ‬ويقول الشيء فلا يرد‮ .. ‬ولا يجادل‮ .. ‬ولا يراجع‮ .. ‬وعلي من يركب رأسه ويفكر في مجادلته أو مراجعته‮ .. ‬أن يقدم نفسه‮ .. ‬ويعد أمواله‮ .. ‬ويعلن عن حجم ثروته‮ .. ‬وسوف يدرك أنه خاسر لا محالة‮.‬هذا هو ساويرس‮ .. ‬وهذه هي حقيقته‮ .. ‬بعد أن قاده شيطان المال أعمي وأصم إلي حافة هاوية‮ .. ‬وأقنعه بأن قوانين البيزنس أعلي وأقوي‮ .. ‬وأكثر قداسة من كافة القوانين والدساتير‮ .. ‬وأنها المحرك لشئون الكون‮ .. ‬فحمل ساويرس قناعاته‮ .. ‬وأوهامه وبدأ يتحرك في كل اتجاه‮ .. ‬وعندما عنى‮ ‬له أن يقترب من مجالات الثقافة والآداب والفنون‮ .. ‬سبقته أمواله‮ .. ‬فأنشأ مؤسسة ساويرس الأدبية‮ .. ‬وأقام مهرجانها لتكريم الأدباء ومنحهم جوائزها السخية في الرواية والقصة القصيرة‮ .. ‬وأنشأ قناته الفضائية‮ V.T.O ‬وأعلن انها القناة المحررة من كل القيود‮ .. ‬وأن هدفهاالأساسي هو التصدي لزحف موجات التدين‮ .. ‬والبرامج الدينية التي طغت علي القنوات الأخري كما أنشأ قناة‮ '‬نهرين‮' ‬في العراق تحت مظلة‮ ‬الاحتلال الأمريكي وحمايته وأعلن عن قرب اطلاق قناتين جديدتين للدراما والأخبار‮ .. ‬كما أنشأ شركة للإعلان‮ .. ‬وأخري للانتاح الفني وامتلك حصصا في عدة صحف‮ .. ‬وبسط هيمنته علي مهرجان القاهرة السينمائي الدولي‮ .. ‬ابتداء من دورته الثلاثين في العام الماضي‮.. ‬وفرض عليه تخصيص نصف حصة مصر من الافلام المعروضة لافلام شركته التي قدمها تحت اسم المنتج هاني جرجس فوزي‮ .. ‬وليتصدر منصة الاحتفال بافتتاح المهرجان وعلي يمينه عزت أبو عوف رئيس المهرجان‮ .. ‬وعلي يساره اليكس شلبي المدير التنفيذي لشركة موبينيل الراعية الرسمية للمهرجان‮ .. ‬ويومها قال ساويرس ما أراد قوله‮ .. ‬وما عنى‮ ‬له‮ .. ‬وشن هجوما عنيفا علي الحكومة‮ .. ‬واتهمها باتخاذ موقف المتفرج من قضية الحجاب التي أثارها تصريح لوزير الثقافة وقتها‮ .. ‬وقال‮: ‬ان الحكومة تخلت عن وزير الثقافة فاروق حسني‮ .. ‬وتركته وحده في مواجهة حملة شرسة‮ .. ‬مؤكدا أنه وبعيدا عن فرضية الحجاب من عدمه‮ .. ‬تجب حماية حرية الرأي‮ .. ‬ورغم انبهار رئيس المهرجان بتصريحات ساويرس‮ .. ‬وجرأته المليارديرية‮ .. ‬ودعوته للحضور بالتصفيق الحاد اعجابا وتضامنا مع تلك التصريحات المتغطرسة المستفزة‮ .. ‬فإن أحدا لم يتجاوب مع دعوة رئيس المهرجان‮.‬وفي عامنا الحالي‮ .. ‬تقدم ساويرس لرعاية المهرجان في‮ ‬دورته الواحدة والثلاثين وقد تمرس في دورته الثلاثين‮ .. ‬وقد اكتشف الصحفيون مبكرا أن ساويرس قد ابتلع المهرجان بأكمله‮ .. ‬ولم يترك شيئا لغيره‮ .. ‬وأن المركز الصحفي التابع للمهرجان أصبح لافتة بدون فاعلية بعد أن ابتلع ساويرس كل اختصاصاته‮ .. ‬من أول الدعاية للمهرجان حتي توجيه الدعوات للضيوف والصحفيين‮ .. ‬فاستبعد من لا يروقون له‮ .. ‬وتجاهل صحفيي الأقسام الفنية‮ .. ‬وقصر الدعوة علي من يستحقون شرف مجالسته‮ .. ‬رؤساء التحرير ونوابهم‮ .. ‬واحتكر بث حفل الافتتاح لقناته‮ V.T.O ‬مستبعدا كافة القنوات الأخري‮ .. ‬ومن بينها قنوات‮ '‬الدولة‮' ‬صاحبة المهرجان‮.‬وإمعانا في فرض الهيمنة‮ .. ‬عقد ساويرس مؤتمرا‮ ‬صحفيا‮ ‬قبل بدء المهرجان بيومين في أحد الفنادق الكبري‮ .. ‬متجاهلا‮ ‬المؤتمر الصحفي الذي عقدته إدارة المهرجان قبله بيومين‮ .. ‬وفي مؤتمر ساويرس الصحفي حرص علي التأكيد أنه وليس‮ ‬غيره،‮ ‬كل شيء بالنسبة للمهرجان‮ .. ‬وأنه الذي حدد وقرر‮ .. ‬ورفض وأثبت‮ .. ‬واستبعد وأضاف‮ .. ‬سواء بالنسبة للأفلام المشاركة‮ .. ‬أو بالنسبة للمكرمين‮ .. ‬وأشار إلي إصراره شخصيا علي اختيار نجيب الريحاني للتكريم هذا العام،‮ ‬وانتاج وطبع وتوزيع كتاب وشريط‮ ‬D.V.D‮ ‬عن السيرة الذاتية له‮ .. ‬والجهود الكبيرة لإعادة ترميم منزله الذي أصبح متحفا ومزارا‮ .. ‬وهو ما نسف ادعاءات رئيس المهرجان علي تمتع إدارته بالاستقلالية التامة في اختيار الافلام‮ .. ‬وتحديد المكرمين خاصة بعدما تبين ان نصف الافلام الممثلة لمصر والمشاركة في المهرجان من إنتاج شركة ساويرس‮.‬ولم يشأ ساويرس ان يفوت فرصة كهذه دون القيام باستعراض يؤكد نفوذه‮ .. ‬وقوته‮ .. ‬فنفي ما تناقلته الصحف علي لسانه من هجوم علي الحجاب‮ .. ‬مؤكدا أنه شخص ديمقراطي‮ .. ‬ويحب الحرية بكل أنواعها‮(!!) ‬ومن‮ ‬غير المعقول ان تشغله مسألة الحجاب‮ .. ‬سواء ارتدته المرأة‮ .. ‬أو اهملته وتخلت عنه‮ .. ‬وبكل صلف الثراء عقب علي سؤال حول سبب رعايته للمهرجان‮ .. ‬وهل هو نوع من مغازلة الحكومة ؟‮.. ‬فقال بعد أن هز كتفيه‮ .. ‬ورفع حاجبيه‮ .. ‬انه لا حاجة به إلي مغازلة أحد‮. ‬ولا‮ ‬غرابة فيما يقدم عليه نجيب ساويرس من‮ ‬غرائب وعجائب‮ .. ‬فكلها سمات لمن يتضخم أكثر من اللازم‮ .. ‬فيعجز عن رؤية الآخرين‮ .. ‬ولا يعود قادرا إلا علي رؤية نفسه ومصالحه‮ .. ‬والرجل قد تضخم‮ .. ‬وتضخم‮.. ‬وامتدت شركاته واستثماراته وأمواله‮ .. ‬إلي‮ '‬إسرائيل‮' ‬وباكستان‮ .. ‬وأفغانستان والعراق‮ .. '‬دول الهيمنة الأمريكية‮' .. ‬وبنجلاديش‮ .. ‬وعمان وقطر والجزائر وإيطاليا وفرنسا والعديد من دول الاتحاد الأوربي وأمريكا اللاتينية‮ .. ‬وتناقلت صحف فرنسا تصريحاته عن قرب شرائه لثالث أكبر شركة اتصالات فرنسية وهي شركة‮ '‬بويج تليكوم‮' ‬التي يقدر ثمنها بأكثر من ‮٩ ‬مليارات يورو‮ .. ‬كما ترددت الاخبار عن شرائه لشركة أكبر شبكة في أوربا وهي شركة‮ '‬ويند‮' ‬التابعة لمؤسسة‮ '‬انيل‮' ‬الإيطالية للمرافق بالكامل مقابل ثلاثة مليارات دولار‮ .. ‬كما أكدت صحيفة‮ '‬فولها دي ساو باولو‮' ‬البرازيلية عرض ساويرس لشراء حصة مسيطرة في شركة الاتصالات البرازيلية‮ '‬برازيل تليكوم‮'.‬كما صرح هو بأن عائلته تدير ‮٥٢‬٪‮ ‬من رأس المال السوقي ببورصة الأوراق المالية أي حوالي ‮٥١١ ‬مليار جنيه أي ‮٠٢‬٪‮ ‬من الناتج المحلي الاجمالي‮ .. ‬كما أعلن البدء في اقامة مصنع نسيج جديد في الصعيد برأسمال ‮٠٤ ‬مليون جنيه‮.. ‬ومصنع للسكر في العامرية برأسمال ‮٠٥١ ‬مليون دولار‮.‬ولأن ساويرس قد تضخم بأكثر من اللازم للدرجة التي أعلن فيها وعلي الملأ أن مصر‮ '‬بجلالة قدرها‮' ‬أصبحت‮ ‬غير قادرة علي استيعاب أمواله‮ .. ‬وهو ما دفعه إلي اتخاذ القرار بالاستثمار في الخارج‮.. ‬ورجل مثل هذا يتسابق الكثيرون لخدمته دون ان يطلب‮.. ‬والتزلف له دون اعلان عن حاجته لذلك‮.. ‬ولو أردنا ان نحصي النماذج فلن نتمكن‮ .. ‬ويكفي ان احدي شركاته‮.. ‬شركة‮ '‬أبيلا مصر‮' ‬يقوم نشاطها علي ادارة وتشغيل عربات النوم والقطارات الفاخرة والمحطات كما تقوم بتحصيل ايجارات هيئة السكة الحديد لدي مؤجري البوتيكات والكافتيريات مقابل ‮٥‬٪‮ ‬من فائض التشغيل سنويا وتحقق عن طريق ذلك مكاسب كبيرة‮.. ‬وجدت بين كبار مسئولي السكة الحديد من يتطوع بإسقاط ‮٣.٨٥ ‬مليون جنيه من مديونيتها لصالح الهيئة بحجة ان الشركة قد تعرضت لبعض الخسائر‮.‬وعلي ذات الطريق يجد ساويرس في مجلس ادارة هيئة المجتمعات العمرانية المشكل من ‮٦‬وزراء برئاسة وزير الاسكان‮.. ‬من يتعاطف معه‮.. ‬ويجزل له العطاء والتحية،‮ ‬والاستثناء‮ .. ‬وقد خصصوا له الي جانب السوابق مساحة ‮٠٠٠٢ ‬فدان له ولعائلته في مدينة ‮٦ ‬اكتوبر بسعر ‮٠١‬جنيهات للمتر‮.. ‬يسدد ‮٠١‬٪‮ ‬من ثمنها‮.. ‬والباقي علي ‮٠١‬سنوات منها ‮٣ ‬سنوات فترة سماح‮.. ‬هل رأي أحد منكم كرما وسخاء اكثر من ذلك‮.. ‬مع ان المساحة المشار اليها‮ (‬تعززت‮) ‬علي مشترين لا حصر لهم‮.. ‬لانها تحتل موقعا ممتازا خلف الماجيك لاند مباشرة‮ .. ‬ولكن لاشيء يعز علي ساويرس وعائلته‮.‬ولايعني ذلك ان ساويرس محصن،‮ ‬لايستطيع احد في العالم ان يمسسه بسوء‮.. ‬او يقول فيه كلمة حق وصدق‮.. ‬أو ينظر اليه نظرة ريبة وشك‮.. ‬والشرفاء كثر‮.. ‬والمرتابون والمتشككون اكثر من الهم علي القلب‮.. ‬والمنافسون يتوالدون يوميا‮.. ‬يستوي في ذلك الداخل والخارج‮.. ‬فقد رفضت شركة‮ (‬راية‮) ‬عرض ساويرس للاستحواذ علي الشركة ووصفت محاولاته بأنها عملية تسلل من الشباك‮.. ‬ورفضت قطر محاولاته للاستحواذ علي‮ '‬قطر اكيوتل‮' ‬للاتصالات،‮ ‬كما رفض البنك المركزي المصري السماح لساويرس وعائلته بامتلاك اي بنك مصري حتي لا تعود سيطرة العائلات علي البنوك‮.‬اما في‮ '‬إسرائيل‮' ‬حيث تصف جريدة معاريف ساويرس بانه سفير التطبيع مع‮ '‬إسرائيل‮' ‬بالبيزنس فقد اعلن وزير الاتصالات الإسرائيلي‮ '‬اريئيل ايتاس‮' ‬الذي ينتمي الي حركة‮ '‬شاس‮' ‬الدينية المتطرفة ان شركة اوراسكوم لن تتمكن من زيادة نسبة أسهمها في شركة‮ '‬بارتنر‮' ‬الاسرائيلية لخدمات الهاتف المحمول‮.. ‬وانه قام باخطار محامي ساويرس بقرار الوزارة النهائي بعدم السماح لأوراسكوم بزيادة نسبتها في اسهم الشركة الاسرائيلية‮ ‬عن ‮٩‬٪‮ ‬التي يمتلكها ساويرس حاليا‮.‬كما أنه يتعرض يوميا تقريبا لحملات صحفية‮ .. ‬وتذمرات من الرأي العام بسبب تعاليه واستقوائه وانفلات لسانه بلا قيود‮.. ‬يقول الشيء ونقيضه‮.. ‬واثقا وواهما ان احدا لن يجرؤ علي مراجعته‮.. ‬وقد بلغ‮ ‬به النزق مؤخرا الي القول بالنص‮: '‬انا امتلك حبا جارفا في قلوب الشارع المصري‮.. ‬وانزلوا الي الشارع واسألوا‮.. ‬ويكفيني اني اسير بلا حراسة‮.. ‬واجمل اوقاتي عندما امشي بين الناس في الشارع‮.. ‬ان شعبيتي اعلي بكثير من شعبية اي نائب في مجلس الشعب سواء من رجال الاعمال او‮ ‬غيرهم‮.. ‬ومع ذلك فانا‮ ‬غير راغب في دخول المجلس‮'.‬ولانه يشعر في قرارة نفسه بغير ما يدعيه‮.. ‬فقد زرع في كل مكان كمينا للدفاع عنه‮.. ‬وتجريح منتقديه‮.. ‬وله في الصحف الصفراء اعوان تفوح من جيوبهم رائحة خبزه‮.. ‬وله في كل مدينة اكثر من محام‮.. ‬وفي كل دولة مكتب للتقاضي والمحاماة‮.. ‬اما في‮ '‬اسرائيل‮'.. ‬ووفقا لمخططاته بالتوسع في الشراكة والاستثمار‮.. ‬والتطبيع‮.. ‬فقد تعاقد مع اكبر مكتب للمحاماة هناك‮.. ‬المكتب الذي يديره المحامي الاسرائيلي الشهير‮ '‬يوسي عبادي‮' ‬الذي يشتبك مع وزير الاتصالات الاسرائيلي اريئيل ايتاس‮.. ‬في العديد من القضايا‮ .. ‬والتعاقدات‮ . ‬والمفاوضات العالقة بين الدولة الصهيونية والسيد ساويرس‮.‬وهو في ذلك‮ ‬يدعم بشكل‮ ‬غير مباشر الاقتصاد الإسرائيلي بأموال المصريين‮.‬وقد أحسنت الزميلة‮ '‬الجمهورية‮' ‬تعبيرا عندما نشرت أول أمس الخميس خبرا لافتا تحت عنوان‮ '‬عشان خاطر عيون ساويرس‮.. ‬حكومة نظيف باقية‮' ‬قالت‮: ‬ان بقاء د‮. ‬نظيف وحكومته ليس بسبب ارتفاع مؤشرات الاداء الاقتصادي لها‮.. ‬ولا لكثرة الشهادات الدولية من الجمعيات الاقتصادية‮.. ‬ولا لحسن اداء الوزراء ولكن السبب ان المهندس نجيب ساويرس‮.. ‬قال‮: ‬ان د‮. ‬نظيف من احسن رؤساء الوزارات في تاريخ مصر‮.. ‬وانه سوف يحزن كثيرا لو انه تم تغيير د‮. ‬نظيف وحكومته‮ ..‬وقد تكون لنا عودة‮.‬
جريدة الأسبوع

سـيـنـمـا الـسـلـطـة

...بقلم الأستاذ أحمد المسلمانى
وكانت بداية الحديث مقالي السابق «سينما اليسار».طرحت جانبا من وجهة نظري في حضور الأساتذة: خالد يوسف وسحر الجعارة وسمية الخشاب، وقد جاءتني ردود فعل من العامة والخاصة، وظني أن ما قلته كان واضحا لكثيرين، غير أن بعضا منه ظل عصيا، مما يستدعي هنا التوضيح
يعتقد البعض خطأ أن فيلم «حين ميسرة» ينتقد الطبقة الدنيا وحدها، حين أحالها إلي مجتمع شيطاني رجيم، وأعتقد أن الفيلم قد دمّر جميع الطبقات لا الدنيا وحدها، فالشاب الذي يمثل الطبقة الوسطي غارق في القمار، وسط رفاقه من أبناء الطبقة ذاتها، والأسرة البرجوازية الريفية في بنها ألقت بالطفل المتبني فور الحمْل، والأسرة البرجوازية التي أخذت الطفل في القاهرة تركته وحيدا ليخرج إلي عالم الشوارع، والأم الراقية التي تفتح شباك منزلها علي أمواج البحر، تركها أبناؤها المثقفون بلا سؤال، ثم تركوا جسدها المسجي حين جاءوا لتشييعها، باحثين عما يحوي دولابها من أموال ومجوهرات! إذن فالمجتمع بكل طبقاته ـ فقراء وأغنياء ـ قد هبط للتو من أبواب جهنم!٣ـ يعتقد البعض خطأ أن فيلم «حين ميسرة» هو فيلم ثوري، يحض علي كراهية الحكومة، وتقديري أنه فيلم غير ثوري، وهو فيلم رجعي بامتياز، ذلك أنه يعفي الحكومة من سوء الأداء ويشفع لها في ضعف الحيلة وقلة الرجاء.. فحسب أصحاب الفيلم هناك ١٥ مليون عشوائي وخمسة ملايين طفل شوارع، أي عشرين مليونا من بين سبعين، وهو ما يبرر للحكومة تعثرها وفشلها.. ذلك أن هذه معضلات تنوء بحملها الجبال.إن منطق الفيلم هو منطق الحكومة تماما. كل إنجازات الحكومة يطيح بها الغوغاء، وأن الشعب المصري ليس ناضجا بما يكفي، ولا هو أهل للديمقراطية.. إلي غير ذلك من خرافات السياسة والسينما في مصر.إن فيلم «حين ميسرة» يغلق باب الأمل، ومعه باب السياسة، إنه يبرر للحكومة فشلها ويترك شعورا عميقا بالضجر والفزع من الفقراء. والفيلم علي ذلك يحض علي كراهية الفقراء والتماس العذر للسلطة التي تواجه شعبا لا يليق.٤ـ أخيرا، يعتقد البعض أن الفيلمين يبشران بالثورة، وهو اعتقاد خاطئ. إنهما يغازلان الغوغاء والرعاع ضد قيم الإصلاح والتقدم. إن الشخص الذي يقود الثورة في فيلم «هي فوضي»، ويصعد أسوار قسم الشرطة ليلقي بالحجارة في أول شرارة للثورة ضد الدولة، هو تاجر آثار ولصّ لوحات
...بقلم الأستاذ أحمد المسلمانى

حين ميسرة.. نقد العنف بتشويه جماعاته

خلا الفيلم من أي قيمة نقدية.. وتستر خلف شعارات تنويرية
سعيد أبو معلا
يختم المخرج المصري "خالد يوسف" فيلمه الجديد "حين ميسرة" باعتذار يوجهه مكتوبا وبصوته إلى جمهور المشاهدين بعد أن ينتهي عرض الفيلم يعلن فيه عن اعتذاره لعدم مقدرته على تقديم صورة الواقع المصري في العشوائيات الفقيرة كما هو؛ كونه أشد قسوة وأكثر ألما.. وهو محق بذلك. وكمشاهدين قريبين من ذلك الواقع نعترف بصدق اعتذاره هذا، ولأننا جزء من هؤلاء المشاهدين نجده مطالبا باعتذار مواز آخر إلى نفسه قبل الجمهور الذي يدعي احترامه على ذلك التشويه المتعمد، وغير المبرر لمخرج كخالد يوسف لجماعات العنف بدلا من نقدها وإبراز عيوبها ومثالبها، فمسألة التشويه هذه معتاد عليها في أغلب الأفلام المصرية التي تعاطت مع هذه القضية بالذات، وكأنه قدر المشاهد ألا يرى معالجة سينمائية تليق بحجم هذه القضية.لكن الأهم في "حين ميسرة" والذي ترافق مع التشويه المتعارف عليه، وقاد إلى ضعف عام في بنى الفيلم كله هو انعدام الجرأة في المعالجة، وعدم استنادها إلى حقائق تذكر باستثناء حقيقة واحدة مفادها أن الفقر الشديد وحالة الغبن التي يعيشها سكان عشش الصفيح تغذي جماعات العنف المسلحة وتجعلهم قنابل موقوتة.فالمخرج وهو المشارك في كتابة السيناريو برفقة السيناريست "ناصر عبد الرحمن" ركن إلى معالجة قدم فيها هذه الجماعات بناء على كليشهات تقليدية ونمطية جدا مع فارق، بطبيعة الحال، وهو أنه ضاعف من إمكانيات هذه الجماعات عددا وعدة، ومن حيث قدراتها الاستخباراتية وضحاياها من رجال شرطة ومواطنين أبرياء.شعار تنويري زائف***ا***جاء الفيلم متضمنا للإثارة وللكثير من عناصر الإبهار غير المبررة في جزء كبير منها، والأهم أنها جاءت على حساب المعالجة ذاتها التي تضمنت رؤية "غربية – عربية رسمية" حول أسباب تشكل جماعات العنف، وهي رؤية تُسقط الكثير من الاعتبارات، وتَسقط أمام القليل من الأسئلة ومحاولات الاختبار، كما يفندها واقع تشكل جماعات العنف ذاته في مصر وبعض الدول العربية.وبذا غاب اجتهاد المخرج كثيرا، فبان بوضوح أنه لم يبحث ولم يمحص ولم يغص في عمق هذه الإشكالية التي أدمت الشعب المصري، فخسرنا عمليا عملا فنيا كان يفترض أن يكون أداة لإثارة النقاش والحوار من المجتمع وإليه.فالخبرة الفنية للمخرج وكاتب السيناريو جاءت دون أن يغذيها خبرة في طبيعة فكر الجماعات الإسلامية المسلحة وغير المسلحة أيضا طالما ساويا فيما بينها بنفيهم رسم الفروقات والخلافات الكبيرة التي تحكم علاقاتهما. وبذا جاء عملا ضعيفا يخلو من أي قيمة نقدية حقيقية بالتستر خلف شعارات تنويرية هي في جوهرها زائفة، ما منع الجماعات المتطرفة ومعتنقي أفكارها بوجود مسببات ذلك من كشف خطأ أفكارهم وممارساتهم هذا أولا، وحرم المشاهدين ثانيا من التمتع بمعرفة أصيلة وعبر لغة سينمائية لا بأس بها لطبيعة هذه الجماعات وأسباب تشكلها وخطرها على المجتمع. طالما نؤمن أن اختلافنا مع خصم أو طرف بعينه لا يمنحنا الحق في تشويهه وتزيف الحقائق التي هي جزء أساسي منه ومنا أيضا.هذا عن الإطار العام للفيلم، فماذا عن قصته؟ثلاثة خطوط درامية***ا***في ثلاثة خطوط درامية يتطور بنى الفيلم، فمن حي شعبي فقير يعاني سكانه من فقر شديد وحياة صعبة، يعيش سكانه في "بيوت" وعشش صغيرة، وبأعداد كبيرة جدا في بيئة تسودها لغة القوة والفتوات لا لغة القانون والعلاقات الإنسانية العادية، وفي جو يفقد فيه كل مواطن لخصوصيته وآدميته، تتشكل أغلب الأحداث وتتقاطع ومنها تتشكل أحداث المحورين الدراميين الآخرين.تبدو الحياة في الحي الشعبي التي أدمنها سكانها واستقروا بها راكدة آسنة لا يحركها سوى أحلام مؤجلة التحقيق وربما لن تأت أبدا وفي انتظار لمغتربين في دولة كالعراق سيجلبون معهم المال والأمل.هذا الواقع الذي تبدع الكاميرا في التقاطه وتعبر عنه جمل الحوار التي تتناثر بسرعة من أفواه ساكني الحي الذين يتشاركون بالخيبات كما الأمل ذاته، تنطلق الأحداث منه التي تمتد لتغطي فترة تجاوزت الـ 15 عاما على الأقل، فيها تحدث تطورات وتغيرات في المحيط العربي، فيحتل العراق الكويت، ويخرج منها وتحدث عملية عاصفة الصحراء... إلخ وصولا إلى احتلال العراق، وهي أزمات وحروب لها ما يقابلها من تطورات داخل الحي ذاته فتقع صراعات ومعارك وتحدث انتصارات وهزائم فتتغير فيه موازين القوى أيضا.فالبطل "عادل" (عمرو سعد) العامل الميكانيكي الفقير والذي يعيل أسرته وأسرة أخته التي قتلها زوجها يصبح سيد الحي دون منازع بعد أن كان الفتي الفقير مكسور الجناح مهدور الكرامة.الصدفة وحدها تجعله يلتقي بـ"ناهد" (سمية الخشاب) عندما ينقذها من محاولة اغتصاب فيقيم معها علاقة تثمر حملا يرفضه ويطالبها بإجهاضه، وهو الأمر الذي ترفضه ليرفضها وطفلها الذي تتركه في إحدى حافلات النقل العمومي."عادل" يفعل الكثير ليتمكن من إعالة أسرته الكبيرة في البداية من بيع للمخدرات إلى التقاط الأكل من مكبات النفايات، وهو في ذلك يعيش ووالدته على أمل عودة أخيه "رضا" من العراق الذي يقع تحت الاحتلال الأمريكي ليعود خبر أن "رضا" هو عضو في تنظيم القاعدة في العراق وهناك احتمالية أن يكون قد دخل مصر عائدا إلى التنظيم السري الذي أسسه ورفاقه في الحي منذ 15 عاما بصمت وسرية تامين لتنفيذ عمليات "إرهابية".يقع "عادل" وأهل الحي ضحية المعلومات الأمريكية التي تصل أجهزة الأمن المصرية وبعد التعذيب الشديد الذي يتعرض له كل من يعرف "رضا" يجد الأمن أنه بالنسبة للحي حلما لا أكثر ما لبث أن تحول إلى لعنة تصيبهم جميعا، فيصبح عادل عميلا مزدوجا يلعب على الطرفين (أجهزة أمنية، والجماعة الإسلامية) فيتفق مع الشرطة على مساعدتهم في الوصول إلى جذور التنظيم المسلح داخل الحي، ومع أمير الجماعة (أحمد بدير) الذي يقنعه بالتعاون معه مقابل 100 ألف جنيه مصري وهروبه من الحي.الخط الدرامي الثاني والذي يتفرع عن الأول يرتبط بـ"ناهد"، فبعد أن تترك ابنها في إحدى الحافلات تسافر إلى الإسكندرية لتصادفها "غادة عبد الرازق" والتي تتحرش بها جنسيا فتهرب لتلتقطها من الشارع سيدة عجوز ما تلبث أن تموت لتُتهم من أبنائها بسرقتها فتعود إلى بيت "غادة"، لتعمل راقصة على مضض، خلال ذلك تتعرض لحادثة اغتصاب جماعي تعمل على إثرها راقصة في أحد الكباريهات.الخط الدرامي الثالث يسلط الضوء على معاناة أطفال الشوارع من خلال ابن عادل وناهد والذي تكون قد تلقفته أسرة لا تنجب تعيده بعدها لذات الشارع بعد أن تنجب.وعبر الطفل الذي يكبر في الشارع برفقة مجموعة كبيرة من أمثاله يسلط الفيلم الضوء على حياة أطفال الشوارع التي لا ينظمها قانون بل ملاحقة مستمرة ومستعرة من رجال الشرطة، فنرى عالم الشارع المؤلم وعوالمه وظروف واشتراطات الحياة فيه، والذي يعيشونها بكل قبح وألم وأمل، وهناك يكبر الطفل فيقيم علاقة مع صديقته فتاة الشارع التي احتضنته فينجبا طفلهما الأول الذي يخوضان كل الصعاب في سبيل الحفاظ عليه.خارج التغطية***ا***يحسب للفيلم بداية محاولته تقديم واقع العشوائيات التي تعاني من الفقر والتهميش والظلم والنسيان، فهي "خارج تغطية" الحكومات والوزارات إلا من الجهات الأمنية التي تعمل فيهم قمعا وإرهابا واضطهادا. كما أن الفيلم أبدع في تصوير أثر واقع العشوائيات هذه على الحياة النفسية والاجتماعية للسكان، من خلال إيقاع الفيلم ذاته، الذي جاء مليء بالانفعالات الحادة التي رافقها حركة سريعة وحادة للكاميرا، والسلوكيات العنيفة، والصراعات الداخلية والتي تمظهرت عنفا مختلفا بفعل سوء الواقع الاقتصادي والاجتماعي، كما يظهر في لغة الفيلم ذاته فالتخاطب لا يتم إلا بالصراخ، وتحصيل الحقوق أو ما يعتقد أنها حقوق لا يكون إلا بالقوة، وهذا جاء في التكنيكات الإخراجية التي استخدمت في الفيلم، ونوع اللقطات المستخدمة.كما قدم الفيلم نموذجا للعقلية الأمنية المعمول بها في التعامل مع سكان العشوائيات، فبدا واضحا أنهم منساقون أمام أي كلمة تأتيهم من المخابرات الأمريكية، كما أنهم لا يتورعون عن ممارسة أفظع أساليب التحقيق للحصول على المعلومات.بيئة الفقر فقط!!***ا***مبعث المحور الأهم في العمل كله هو البيئة التي تفرز جماعات العنف الإسلامية وتمدها بعناصرها، فالفيلم يقوم على فكرة أن الوضع الاقتصادي السيئ وحالة الفقر تعتبر تربة خصبة تنمو فيها جماعات العنف التي لا تتورع عن استغلال حاجة الناس وضحالة تفكيرهم والغبن الذي يعيشون فيه كي تغسل عقولهم وتجندهم في صفوفها، طالما قيادات هذه الجماعات من الفئات ميسورة الحال.غير أن اللافت في الفيلم هو أن المخرج يناقض نفسه في ذات الأمر، فـ"عادل" الفقير والذي تعرض لظلم شديد بفعل إجراءات الأمن تتجمع كل الخيوط ليكون عضوا في جماعة مسلحة لكن شخصيته داخل الفيلم لا تتطور منطقيا إلى ذلك، بل نراه ساخطا على جماعات العنف بحجة أنها اختطفت أخاه "رضا" بانضمامه لها، وعلى رجال الأمن الذين عذبوه واعتقلوه رغم براءته، ليقرر العمل مع أمير الجماعة ضد رجال الأمن مقابل الحصول على المال انتقاما من أحد الضباط.وإذا تجاوزنا ذلك كله فسيظهر للمتابع الأهم وهو أنه لم يظهر أي تمايز في طبيعة الاتجاهات الإسلامية الموجودة، فلم نرى سلفيين أو إخوانا... إلخ، وهي تيارات أكثر انتشارا وحضورا في بنيات المجتمع المصري.ويكتسب إظهار هذا التمايز أهمية في ظل وجودها الحقيقي والفعلي، وجهل بعض الطبقات التي لا تتحصن بمعرفة ووعي بها، الأمر الذي يضع كل التيارات الإسلامية في سلة واحدة، وهو ما يستشف من الفيلم ذاته وتحديدا في اللقطة العامة التي أخذت من فوق الحي لصلاة العيد فبدا أن الجميع بلباسهم الأبيض من اتجاه واحد.عصابة مسلحة***ا***النقطة الثالثة ترتبط بالجماعة الجهادية التي عرضها الفيلم والتي جاءت دون أي خلفية أيديولوجية أو مطلبية آنية، فظهرت بأنها انتهازية، متخفية ببيع المخدرات ومندمجة مع فتوات الحي، ترتكب الجرائم، وتسفك الدماء، وتفجر الحي بساكنيه طمعا بالهرب من المواجهة دون وجود أي سبب منطقي لهذا الفعل.حتى الأحداث السياسية التي جاءت في خلفية الفيلم لم يتم استثمارها في طرح موقف التيارات الجهادية، فبدت الجماعة كعصابة حقيقية لا هدف لها، ولا منطق لرفضها النظام أو الواقع الذي هي جزء منه.فعجز المخرج المخيف عن عرض أفكارها وتناول إشكالياتها وأخطائها، وهي التي تعتبر مثقلة بالأخطاء، هو أمر مرفوض ولا يمنحه أي مبرر أخلاقي للجوء للتشويه المتعمد.أما ما يرتبط بجوهر الفيلم فيمكن نقضه بسهولة، فالواقع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه الناس ليس السبب الوحيد الذي يقود إلى العنف، بل هو مسبب من مجموعة مسببات عندما تجتمع وتتكامل تنتج ردات فعل يكون منها سلوك العنف الذي رأيناه في المجتمع، وهو ما يستحق أن تدق أجراس الخطر له.فلا يمكن النظر إلى أسباب تشكل هذه الجماعات في إغفال صريح للواقع السياسي الذي انبثقت منه، وحالة التطرف الموازية التي تعيشها المجتمعات العربية، وما يجري في العراق وفلسطين ولبنان مثلا... إلخ.رغب "خالد" في تقديم "جماعات إسلامية مسلحة"، لكنه كان أقرب إلى تقديم "عصابة مسلحة"، فقد قصد الأولى فكانت الثانية، ولو كنا نأمل أن يكون قد قصد الثانية عن سبق إصرار وترصد ونزع عنها بعض مظاهر اللباس وبعض الجمل الدينية التي رددها أعضاؤها، كون مفهوم العنف أوسع من مجرد ربطه بدين أو تيارات بعينها دون سواها.شذوذ "تجاري"***ا***اختلافنا المطلق مع الجماعات التي حاول الفيلم تناولها يسمح لنا أيضا أن نختلف مع أسلوب المخرج وطروحاته التي ضمنها لـ"حين ميسرة"، فمسألة الشذوذ في الفيلم لا تبدو من نسيجه الدرامي، كما أنها لم تحظ بأي معالجة، الأمر الذي يجعلنا نحكم على أن الهدف منها هو محض تجاري، فهي كانت بمثابة مصدر جدل ونقاش قبل العرض، أدت حتما إلى فتح شهية المشاهدين والمراهقين وشجعتهم على المشاهدة.كما أن الفيلم انحاز بشكل موارب للشاذة جنسيا من خلال جعلها خيارا أولا تلجأ إليه "ناهد" بعد أن هربت من بيت العجوز التي احتضنتها وبذلك منحها شرعية ما، رغم أن "ناهد" فرت من ذات الشقة بعد حادثة التحرش المثلي.أما حادثة اغتصاب "ناهد" على بشاعتها فلم تحظ بأي معالجة درامية من حيث أثرها النفسي وطبيعة الصدمة على الضحية في بنية الفيلم سوى بتطويل مستفز لمشهد الاغتصاب الجماعي.وهنا لن نغالي في شيء لو قلنا إن "ناهد" بمجملها تعتبر الخط الدرامي الأضعف، والذي جاءت بالتحولات التي شهدتها شخصيتها غير مقنعة مطلقا، وتحديدا تحولها بعد حادثة الاغتصاب إلى راقصة في "الكابريه"، والجلسات الحمراء الخاصة وهي الحياة التي تحاول أن تهرب منها بعد مطاردة من الشرطة.أطراف الفيلم الثلاثة تلتقي مصائرها في حالة هروب وجزع، وكأنه الحل الذي يقترحه المخرج، ربما هو حل مؤقت، لكنه حل يتجه صوب الإسكندرية هذه المرة، أي المدينة الساحلية بكل ما تحمل من جمال وبعد وهدوء، "ناهد" هربا من الشرطة ومن عملها كراقصة، و"عادل" من الشرطة والجماعات المسلحة معا، وطفلا الشارع ومولودهما الذين سيخوضون صراعا طويلا من أجل البقاء
سعيد أبو معلا

سينما اليسار

سينما اليسار
لست واحدا من يقدرون اليسار في مصر، وظني أن اليسار المصري قد أضر كثيرا بالتطور السياسي والاقتصادي في البلاد.وربما أكون مغاليا فيما أري وأقدر، لكنني أجدني ذاهبا في عدم القبول من اليسار السياسي إلي اليسار الثقافي.. لا أجد منطقا يحكم إبداعات اليسار في الفنون، ولا أظن أن اليسار الفني قد ساهم في تحقيق رسالة ذات قيمة أو قيمة لها رسالة.أقول هذا في مناسبة موجة أفلام اليسار التي تتصدر السينما المصرية الآن، وهي موجة في مدرسة لها أستاذ وتلميذ ومريدون.تأخذ المدرسة شرعيتها من نقد الحكومة والسلطة والنظام، وإظهار معركة عنيفة مع الشرطة والأمن، كما تزيد من شرعيتها بممالأة المثقفين، ونفاق المستقلين، والاحتماء بصداقات كثير من المعارضين وقليل من المناضلين.ثم تصل الشرعية منتهاها، بنقل أوضاع الفقراء والبائسين، من سكان العشوائيات إلي أطفال الشوارع.. وهو استثمار كفء وبارع لأوجاع الناس وأوضاع البشر.. وهو استثمار عادة ما ينتهي بالثورة أو لا ينتهي بشيء، وما بين الثورة والغموض، يهيم النقاد عشقا بما كان من حكايا السلطة والثورة.لقد تأملت كثيرا ما تعرضه «سينما اليسار» في مصر الآن ـ لم أجد ما يقوله المعجبون ولا المبهورون.وجدت جهلا بالقضايا السياسية، وضحالة في المعرفة الاجتماعية، والتباسا فيما يوجب الوضوح، ووقاحة فيما يتوجب الستر.وجدت تدهورا في اللغة، وانحطاطا في الألفاظ، كتلة ضخمة من قذارة المفردات وإسفاف العلاقات.وجدت ادعاءً واضحا بالمعرفة الموسوعية بالدين والدنيا، بالمجتمع والدولة، بالأوضاع الإقليمية وتنظيم القاعدة.وجدت شذوذا واسعا، الأم والابن، والأم والبنت، والصديقة والصديقة، وشذوذ في القول والفعل.وجدت سواداً مطبقاً علي النفوس، قتامة وكآبة وإحباطاً، سواداً يعطي المبرر للسلطة في أن تفعل ما تشاء، ذلك أن مصر أصبحت خارج السيطرة، سوادا يعطي المبرر للسفهاء بأن يزدادوا سفاهة، وللبؤساء أن يحتموا بالنكتة.. وللفقراء أن ينتظروا ما لا يجيء، سواداً يقول للابن «اخلع أساور أمك» فالفقراء يفعلون ذلك،وللبنت «نافسي أمك علي زوجها، وتبادلي معها أقذع المفردات»، فالبنات الفقيرات يفعلن ذلك ولأصحاب المقاهي والمطاعم والجيران وعموم البسطاء وصغار الموظفين. «ارضخوا جميعا لأي ظالم أو فاسد، ذلك أنه يستطيع أن يدخلهم وراء الأسوار»، ثم انتظروا جميعا «الثورة» التي لن تجيء.* بقي أن أعتذر عن استخدامي ألفاظاً «غير مناسبة».. لم أتعود استخدامها من قبل، ذلك أنني خرجت من دور السينما فاقدا الأمل في أن تكون صناعة السينما في صالح المستقبل، لقد تم اختطاف السينما المصرية لمن يتاجرون بالوجع، ليصبحوا أبطالا، أو من يهينون الوجع، لحشد الضحكات.. كل عام ونحن أفضل
بقلم الأستاذ أحـمـد الـمـسـلـمـانـى